عقولُنا ليسَت للإيجار
بقلم
الكاتب / أحمد القاري
لم نعُد كالحمقى نصدق كلَّ ما نقرؤه و جلَّ ما نسمعه ونصفَ ما نراه !
ولم نعُد نسلّم عقولَنا لغيرنا يملؤونها بالغثِّ – والغث فقط – باسم التجربة الشخصية أو النصيحة الطبية والشعبية أو الرأي الآخر أو حتى باسم الدعوة إلى الله !
ولن نكونَ تلك الدُمى اللحميةَ الرخيصةَ التي يسخرها سفهاءُ التفلّت من القيم والآداب ، ويسخر منها تجارُ الدينِ قساوسةُ الأحزاب “الإسلامية”ِ – زعموا – ، فقد سقطت كثير من الأقنعة و بدَتِ الوجوهُ الحقيقية للمقَنَّعين ، في الوقت الذي تحصّن فيه العقلاءُ بالعلم الشرعي والتلاحمِ الوطني والتوسطِ الفكري ، ليشهدوا على خياناتٍ عظمى يمارسها اللاوطنيون في حق الأفراد والجماعات وأمن الأوطان .
إن الواحد منا يعيش مرة واحدة ولن يعود إليها بعد انتهاء الأجل ، فليكن عيشنا فيها بالعمار لا بالدمار، وبالحب لا بالحرب ، والله تعالى استخلفنا في الأرض وأمرنا بإعمارها والحياةِ فيها بسلام، وإحياء الضرورات الخمس وحفظها من الدخلاء وقضاءِ النحب دونهن، فلا يستهان بالعاقبة التي تلحق الشعوب والبلدان من جراء تسلط الفكر المنحرف على العقل وتغلغل خنجر التشدد الملوث في كبد الوطن .
فلو أشحنا بعقولنا في حقول الواقع من حولنا – وحوالي غيرنا – سنرى التمردَ والعصيان سببُ فناء البشر وكسادِ الشجر وزوال النعم وغياب الأثر ، وأنه وسيلة لصوص الثورات لاستسقاء قيح القروح، والاستدفاء بأشلاء القتلى المحترقة في كل تنّور توقد فيه عمليةٌ إرهابية مصطلية .
ولأن الأمر جلَل والخطوبَ مريعة والحروبَ ذاتُ لعنة والإرهابَ نارٌ لا تبقي ولا تذر ، ولأن نارَ الطائفية تهلك الحرثَ والنسل؛ أهمس في أذن كل مخدوع مفجوع بهاته الكاف نونات :
– كن مع الله الذي قيّض الدين وارتضاه لك شرعةً ومنهاجاً .
– كن مع العلماء الراسخين في العلم فهم الموقّعون عن الله .
– كن مع ولاة الأمر فهم ظل الله في الأرض ودروع الوطن .
– كن مع الوطن فهو أحنُّ إليك من حضنِ أمك وقُبلةِ أبيك .
والله مستخلفنا في الأرض لينظر كيف نعمل ( قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۞ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُون )َ البقرة (30)